26/12/2020م معرض الكتاب بنسخته السادسة بجدة
في
ركنٍ قصيٍّ من المعرض يقبع الاستديو الخاص بإذاعة PANORAMA FM،
يعقد لقاءًا خاصًا مع "إرهاصة" بعد فوزها بالجائزة العالمية للرواية
العربية، عن روايتها "حمادتي".
- بادئ ذي بدءٍ،
مساء النور "إرهاصة" أهلًا بك في بانوراما إف إم.
- أهلًا وسهلًا
بك أستاذة مي.
- لماذا
بانوراما إف إم دونًا عن باقي المنابر الإعلامية؟
- مراعاةً لبعض
الاعتبارات الاجتماعية التي لا تخفى بحالٍ على قارئ الرواية.
- "إرهاصة"؟!!
(بنبرة استفهام).
- (بابتسامةٍ)
.. حيث لا نبوّة في الإناث كانت إرهاصة.
- ماذا بعد
الجائزة العالمية للرواية العربية؟
- نوبل للأدب ..
(بابتسامة ملؤها الغرور).
- حدثينا أكثر
عن "إرهاصة" بشكل عام، وعن "حمادتي" بشكلٍ خاصٍّ، المايك بين
يديك.
تسترسل
في الحديث دون هوادةٍ، لا خوفَ يعتريها، ولا توجّسَ، فقد عاشت هذه اللحظة كل ليلةٍ
مذ شرعت في أول سطرٍ في الرواية.
عاشت
النشوة ..
عاشت
الشهرة ..
عاشت
الحلم ..
تنتبه
الأستاذة مي على صوت جلبةٍ خلف الكواليس، ويسودُ جوٌّ من القلق في الاستديو، يهمس
المخرج في سمَّاعتها بكلامٍ، فتتوجَّه بالخطاب إلى "إرهاصة"
- شخص بالخارج
يصرّ على لقائك، ويدّعي أنه الصديق الوحيد لكِ.
- (تصمت هنيهة)
وتردّ بجوابٍ ملؤه الغرابة والدهشة، صديقي الوحيد؟!!
- تعاجلها الأستاذة مي بما يملي عليها المخرج في سماعتها، معه نسخةٌ من الرواية، مصدَّرة بإهداء نصُّهُ "لقد بخلت على العالمين بهذا الإهداء أن يكون مطبوعًا في كل نسخة من كتابي الذي لا أعلم كم عدد الذين سيقرؤونه، وماذا سيفكرون حيال الصديق الوحيد لأنثى يتيمة الأب والحب ..."
لا
تنتظر حتى تفرغ الأستاذة مي من القراءة، تفزُّ من مقعدها، مرتبكةً مذهولةً، تتمتم
(سلمان) معقول؟!!
تنزع
عنها السماعة والمايك، لتخرج من الاستديو وتتجه إلى هذا الصديق المجهول، هل يصدق
ظنّها؟ ويصيب اعتقادها؟ لا أحد سوى (سلمان) كتبت له ذلك.
كان
تواصلها قد قلَّ معه في الآونة الأخيرة، لانشغالها بتدشين الكتاب في المعرض، وقبل
ذلك سفرها لاستلام الجائزة.
تركت
الاستديو مخلِّفةً وراءها مخرجًا جُنّ جنونُهُ وأُسقط في يده، فاللقاء كان
مباشرًا، لتقف أمام هذا الصديق المجهول, هو؟ سلمان؟!! لا تنكر محيّاه، ولا تخفى
عليها قسمات وجهه، فلطالما حادثته عن طريق الفيديو.
- بعيونٍ
اغروروقت من الفرح دمعًا، وبخجلٍ كساه جمالًا، يبادرها: هل تصافح سيدتي الرجال؟ أم
أنها لا تبايع إلا بالكلام؟
- تُهرع إليه ..
نسيت حقيبتها ومحمولها في الاستديو، ولا غرابة، فقد نسيت أن مئات الأعين ترقب هذا
المشهد، انفصلت عن هذا العالم حسًّا، واتَّصلت بعالمٍ آخر، ركضت نحوه، وارتمت بين
أحضانه، ليسقطا سويةً على الأرض، وسط ذهول الحاضرين، ذلكم الحضن الذي لطالما كان
لها موطنًا في الواقع الافتراضي، واليوم فقط بات ملموسًا محسوسًا، اقتبست قول شوقي
الذي كان يردده دائمًا:
لم
أدر ما طيب العناقِ على الهوى
حتى
ترفَّق ساعدي فطواكِ
نهض
ليغسل وجهه، ويبدأ يومه، وقد أثَّرت فيه السقطة من السرير ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق