عن جابر بن عبد الله- رضي الله
عنه- أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه-كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم
يأتي قومَه فيصلّي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، فتجوّز رجلٌ، فصلّى صلاةً خفيفةً،
فبلغ ذلك معاذًا فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل، فأتى النبي -صلى الله عليه
وسلم- فقال: يا رسول الله، إنا قومٌ نعمل بأيدينا ونسقي بنواضحنا، وإن معاذًا صلّى
بنا البارحة فقرأ البقرة، فتجوّزت، فزعم أني منافق، فقال النبي -صلى الله عليه
وسلم- يا معاذ أفتّان أنت؟ يا معاذ أفتّان أنت؟ يا معاذ أفتّان أنت؟ اقرأ: و(الشمس
وضحاها) و(سبّح اسم ربك الأعلى) ونحوها. متفق عليه واللفظ للبخاري .
بات الأمر عندي مزعجًا حدّ
الامتناع عن الصلاة جماعةً في المسجد، لا لنفاقٍ بي أو كسلٍ، وإنما هذا ما جناه
أئمة المساجد عليّ، وعلى كلّ من قرأ القرآن صحيحًا سليمًا من الخطإ.
لا أذكر متى كانت آخر مرةٍ صليت
بها مأمومًا خلف إمامٍ ولم يلحن لحنًا جليًّا، سأتغاضى بالكلية عن موضوع القراءة
بمقام الكرد مطّردًا، كأن النغمات انحصرت وضاقت على القراء بما رحُبت، فلم يكُن
إلا الكرد، الأمر نسبيٌّ، وإن كنَّا نرى أن كلَّ ذو سمعٍ يمجَّ المقام متى ما شاع
بهذا الفحش وأجمع العوامّ والسذّج أن لا مُطرِبَ إلا هو.
فتنة معاذٍ –رضي الله عنه- كانت
الإطالة برجالٍ قضوا نهارهم كلَّه في العمل، ولا طاقة لهم بالوقوف طويلًا خلف
الإمام الذي ما كابد مكابدتهم، ولا نصب نصَبَهم.
فتّانونا جمعوا إلى هذه الفتنة
ضروبًا أخرى، فعدم التمكن من الحفظ يفتن المأموم الحافظ، ويشتت ذهنه، فإن كان لا
يقوى قراءة الطوال والمئين، فلماذا يركب الصعب ويترك الذلول؟ وإن كان حتى في
القصار على عادته في الخطإ واللحن، فمثل هذا لا يؤمُّ المسلمين.
تجده من سوء حفظه متى ما رُدَّ
عليه خطؤه، تلجلج وتزلزل، وأخذ المصلين في رحلةٍ من البلبلة والقلقلة.
ثم بعد هذا ليته خفّف في صلاته،
فخفّف على المصلين أمَدَ عذابهم، لكنه يطيل ويخيّل إليه أنه من سلالة أبي موسى
الأشعري، وما ضرّ الناس أن بدأ بـ (الم) وانتهى بــ (الناس)، وما علم المسكين أن
لو وجدت آيةٌ أقصر من (حم) لدعا المصلُّون أن قرأ بها حتى يرتاحوا من جحيمه.
الأدهى والأنكى أنه متى أخطأ لا
يصوّب الآية، ويخترع تكملةً للآية، ولا يبالي، أو تراه يسافر بين السور إذا كانت
الآيات متشابهة، فينطلق في قصة موسى في الأعراف، ويعرّج على الشعراء، وقد يمرّ
بطه، ليحطّ رحاله في القصص.
أضف إلى هذا استحداث تجويدٍ
يتوافق مع مطّهم في كُردِهم، فالغنّة تستحيل لأربع حركاتٍ، وربما ستٍّ، متى ما دعا
المقام لذلك، والمدّ قد يختفي وإن كان لازمًا، وقد تأتي مدودٌ ما أنزل الله بها من
سلطان.
نعم ..
أنا أصلي منفردًا ببيتي، وأحيانًا
أجمع مع زوجي، وإن سألني ربي سأجيب: هؤلاء أضلونا!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق