معلومٌ
من الثقافة بالضرورة أن الشعر ديوان العرب، والترجمان المفصح عمّا لهم من الأدب،
والصوان الحافظ لمآثرهم، والسلك الجامع لمفاخرهم، استعملته العرب في التغني بمكارم
أخلاقها، وطيب أعراقها، وذكر أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفرسانها الأنجال،
وسمحائها الأجواد.
كانت
القصيدة الأداة الإعلامية الأولى، والمنبر الإخباري الأقوى، ولسنا هنا في مقام
استعراض واستقصاء لدور الشعر في شتى جوانب الحياة، فكم من بيت رفع قومًا وخفض، وكم
من قصيدة أشعلت فتيل حرب واقتتال.
تبدّل
الحال وتغيّرت المعطيات، وانتزعت الصورة المرئية الصدارة، وتزعّمت الأدوات
الإعلامية، وعلى رأس هرمها السينما.
فرغتُ
الليلة من مشاهدة فيلم (DAG II) التركي، الحاصل على تقييم (9.4)
بموقع (IMDB)
تدور أحداث الفيلم في منطقة حرب بمنطقة جبلية، حيث تصدح صرخات الأبرياء دون آذان
صاغية، ويصور الفيلم الخط الفاصل بين الكارثة والبسالة، حيث يحكي قصة (7) من جنود
المارون الذين يصارعون الموت في المنطقة الجبلية الباردة.
أبدع
المخرج (ألبر كاجلار) في صنع أبطال أتراك خالدين، وهو في هذا مسبوق وليس بِدْعًا.
بعد
الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية جرّاء حرب
فيتنام، والتي كونت رأيًا عاما اعتقده غالبية الشعب الأمريكي بأن الحرب كانت غير
أخلاقية وغير مبررة، لجأت الحكومة إلى السينما كأداة إعلامية قوية، لتحاول إصلاح
ما أفسدته السياسة والحرب، فصنعت البطل (رامبو) في سلسلته الشهيرة لتحسين الصورة
الذهنية عن أداء الحكومة.
في
مطلع العام الجاري عادت صالات السينما لتشرق من جديد في السعودية، بعد غروب شمسها
لأكثر من خمسة عقود، بموافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، هذا
القرار يضع المنتمين إلى هذه الصناعة أمام تحدٍ حقيقي، للاستفادة القصوى من هذه
الأداة، في تغيير المفاهيم والمبادئ الخاطئة، في نشر الوعي المجتمعي، في إشاعة روح
السلام والحب، في تخليد ذكرى أبطال قدّموا مهجهم فداءً للوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق