أما وإنَّ صاحبكم حديثُ عهدٍ بأماكن العمل تِهِ التي يختلط فيها أصحاب الشوارب بذوات النهود، ولن آتي على ذكر مغبَّة هذا الصنيع، إذ لو أفضتُ فيه لأتيتُ بالعجب العجابِ، لكنَّ أمرًا بعث فيَّ الريبة من مرقدها، وأجرى قلمي، فهاؤم اقرؤوا كتابيه.
وإذ أنت محصَنٌ، فهذا يعني ضرورةً أنك
واقفٌ على بعض أحوال النساء التي لربما غابت عن العَزَب، ولستُ بذلكم الرجل.
جزى الله مثوبةً كل ساعٍ ومعينٍ على
إقامة الصلاة، ومنهم ذلك الذي أعدَّ لنا مصلّى حيث نعمل، وفرَشَه، وهيَّأه؛ ليتسنى
لنا أن نصلي جماعةً في حينها، ولا مسجد قريب منَّا، والحمد الله الذي أشاع في أمة
محمد –صلى الله عليه وسلم- تعظيم شأن هذه الشعيرة، وإجلالها، فأنت متى سمعتَ
النداء يصدح به المؤذنون، رأيتَ الناس تُهرع زرافاتٍ ووحدانًا، كلٌّ ينشد ميضأة؛ كيما
يجدد وضوءه؛ ليقوم بين يدي ربه.
وأنا أدرك في العمل ثلاث صلوات، العصر
والمغرب والعشاء، وفي حين يجتمع الرجال في كلِّ فرض، لم أرَ إحداهنَّ تحرِّك
مقعدتها، وتفارق مجلسها، –وهو ما استرابني-، فأيقنتُ –التماسًا للعذر- أن ذلكم
العارض الذي يعرض لهنَّ كل شهرٍ، هو ما حال بينهن وبين صنيع شقائقهنَّ، بيد أن الأمر
استطال، ودامت هذه الحال أسبوعًا وأسبوعين وثلاثة، فتوجَّستُ، وعلمي أن ذلكم يطرأ
عليهنَّ أيامًا معدوداتٍ، لا تبلغ هذا الحدَّ، فرحتُ أرجمُ غيبًا أنْ ربما وضعوا
ولدانًا، وأنهنَّ في الأربعين، لكن هل يُعقل أن يكنَّ أجمعين أكتعين نَفْساوات؟!
ذلك يبعد، وقد رأيتُ من لا أشك أنها يائسٌ قاعد.
وهنا قعد بي البحث عن أعذار لهنَّ، فطفقتُ
أفتِّش في الفقه، علِّي أدرك عِلَّةَ فعلهم، فخلصتُ إلى رأيين اثنين لا ثالث لهما:
الأول: أنهنَّ يعتقدن أن المخاطب بإقامة
الصلاة هم ذكور الأمة دون إناثها، وذلك أن الله تعالى قال: "قل لعبادي الذين
آمنوا يقيموا الصلاة"، ولم يقل سبحانه: قل لإمائي اللائي آمنَّ يقمن الصلاة.
الثاني: أنهنُّ غير مأموراتٍ بإقامة
الصلوات في أوقاتها؛ لأن الآية: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا
موقوتًا"، وليس فيها: المؤمنات.
إليَّ إليَّ أيتها السلفع اللكعاء الرعناء..
إن كنتِ لا تركعينها البتة، فوالله
وبالله وتالله الطامة الكبرى، والداهية العظمى، ولن يكفيني المجلد والمجلدان في
تسفيلك، والحطّ منكِ، ولو كان لي من الأمر شيءٌ لفعلت بكِ الأفاعيل، وجعلتكِ عبرةً
للمعتبرين، وعظةً للمتعظين، أمَّا إن كنت جمَّاعة لها، تُرجئين أداءها لآخر الليل
إذ ترجعين من عملك؛ خشية أن تغسلي وجهك ثَمَّ، فتسَّاقط منه الأدهان التي تصبَّغتِ
بها، ورجاء أن تبقيه دَبِقًا لزجًا، فهل ترين هذا موجبًا شرعيًّا؟! وأمرًا داعيًا
للرخصة؟! بئس أخت العشيرةِ أنتِ، وبئس ما تفعلين، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين.